في عالم الفورمولا 1 عالي المخاطر، قلّما يحظى سائق بالاهتمام والإرث الذي يحمله لويس هاميلتون، بطل العالم سبع مرات، والذي انضم إلى فيراري في 2025 بعد فترة ناجحة مع مرسيدس. إلا أن هذه الخطوة أثارت الكثير من الجدل، إذ يرى بعض المشجعين والمحللين أن فيراري ربما يتعمد تقويض أداء هاميلتون لصالح زميله في الفريق شارل لوكلير. انتشرت هذه المزاعم على نطاق واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي مثل X، لكنها لا تزال موضع جدل واسع وتفتقر إلى أدلة ملموسة. يستعرض هذا المقال تفاصيل الادعاءات والأدلة المزعومة والردود الرسمية لتقديم نظرة متوازنة.
الخلفية: انتقال هاميلتون إلى فيراري
شكل انتقال لويس هاميلتون إلى فيراري إحدى أبرز التحولات في تاريخ السائقين الحديث. فبعد سنوات من السيطرة مع مرسيدس، قرر خوض تحدٍ جديد مع الفريق الإيطالي العريق الذي يعاني من غياب اللقب منذ عام 2008. وقد ارتفعت التوقعات بوصول هاميلتون، حيث كان يُنتظر أن يقود الفريق نحو المنافسة الجادة. غير أن موسم 2025 جاء بنتائج متباينة، مع معاناة هاميلتون في عدة سباقات، مما أثار الاتهامات بوجود تلاعب داخلي.
الادعاءات: مزاعم التخريب
اكتسبت رواية التخريب زخمًا كبيرًا من خلال مناقشات الجماهير على منصة X وغيرها من المنتديات. ومن بين النقاط التي يُستدل بها على تفضيل لوكلير أو إعاقة أداء هاميلتون ما يلي:
أخطاء استراتيجية خلال السباقات: لاحظ بعض المتابعين أن استراتيجية فيراري خلال سباق موناكو 2025 قد أضرت بهاميلتون، إذ تم تزويده بإطارات مستعملة عمرها ثمانية لفات، بينما حصل سائقون آخرون على إطارات جديدة. وفي سباقات أخرى، زُعم أن أوامر الفريق سمحت لمرسيدس بتجاوز هاميلتون في توقفات الصيانة. كذلك، تم تسجيل توقف بطيء لهاميلتون بلغ 4.9 ثانية، مما أُدرج كدليل على سوء الإدارة المتعمد.
مشاكل ميكانيكية وإعداد السيارة: تحدثت منشورات عن مشكلات متكررة في مؤخرة السيارة، يُقال إنها لم تُعالَج رغم اكتشافها خلال التجارب. كما زُعم أن مهندسي فيراري يتجاهلون توصيات تغيير المحرك، ويفضلون إعداد سيارة لوكلير على حساب هاميلتون.
إخفاقات في التواصل: اتهم مشجعون فيراري بسوء التواصل مع هاميلتون، مثل عدم إبلاغه بالمركبات المحيطة به أو التغييرات في إعداد السيارة كزوايا الجناح. ونشرت بعض قنوات اليوتيوب مزاعم بأن مهندس السباق الخاص بهاميلتون، ريكاردو أدامي، "يتعمد تخريبه"، رغم غياب الأدلة الملموسة.
البيانات والمقاييس الإلكترونية: بعد سباق إسبانيا، الذي وصفه هاميلتون بأنه "أسوأ سباق في مسيرته"، ادعت منشورات أن فيراري تجاهل بيانات المقاييس الإلكترونية المهمة التي كان من شأنها تحسين استراتيجيته.
الردود الرسمية والتفسيرات البديلة
رغم الغضب الجماهيري، نفت إدارة فيراري بشدة وجود أي نية للتخريب. ووصف مدير الفريق، فريد فاسور، تلك المزاعم بأنها "غير منطقية تمامًا" و"جنونية"، مشيرًا إلى أنه لا مصلحة للفريق في تقويض أداء سائق بحجم هاميلتون. وأوضح أن الأخطاء الاستراتيجية تحدث في ظل الضغط الشديد، وأن تفضيل لوكلير أحيانًا يعود لفهم الفريق الأكبر له وليس لتحيز متعمد. كذلك، لم تُقدَّم أدلة موثوقة تدعم ادعاءات التخريب مثل بيانات داخلية أو مراسلات رسمية. وأشار نيكو روزبرغ، زميل هاميلتون السابق، إلى أن مزاعم التحيز غالبًا ما تكون مبنية على عوامل معقدة لا تُختزل في نظريات مؤامرة.
تحليل: هل هناك فعلاً حالة تخريب؟
رغم أن رواية التخريب جذبت الكثير من المتابعين، إلا أن الأدلة المتوفرة تبقى ظرفية وغير كافية. الأخطاء في الإستراتيجية، والمشاكل الفنية، وسوء التواصل ليست حكرًا على هاميلتون، بل هي جزء من واقع الفورمولا 1 المعقد. كما أن تاريخ فيراري مليء بالأخطاء التشغيلية حتى مع سائقين آخرين، مما يشير إلى خلل تنظيمي أكثر منه مؤامرة موجهة. التخريب المتعمد لسائق بقيمة هاميلتون سيشكل خطرًا كبيرًا على سمعة الفريق ورعاته، ناهيك عن فقدان ثقة السائق نفسه.
ومع ذلك، فإن استمرار هذه المزاعم يسلط الضوء على مشكلات أعمق في ديناميكيات الفريق، خصوصًا في سياق إدماج هاميلتون في بيئة تتركز حول لوكلير. وإذا استمرت فيراري في ارتكاب نفس الأخطاء الاستراتيجية أو في التواصل، فقد تبقى شبهة التحيز قائمة حتى في غياب النية المتعمدة.
ADD A COMMENT :