عندما غادر ليونيل ميسي برشلونة في عام 2021، بدا أن النادي وكرة القدم العالمية قد فقدا نجمًا هاديًا. لكن في غضون سنوات قليلة فقط، برزت ظاهرة جديدة: لامين يامال. في سن 17 عامًا، أشعل المهاجم الشاب حماس الجماهير حول العالم بموهبته المذهلة التي تتحدى عمره. بدأت رحلته من شوارع إسبلوغيس دي يوبريغات إلى أكاديمية لاماسيا بعمر السابعة، حيث تميز بمزيج نادر من المهارة والثقة والعبقرية الفنية.
في موسم 2024–25 وحده، سجل يامال 18 هدفًا وصنع 21 هدفًا آخر، وقاد برشلونة لتحقيق الثلاثية التاريخية، وكل ذلك قبل أن يبلغ سن الرشد. وكانت مكافأته عقدًا خياليًا بقيمة 30 مليون يورو سنويًا، قد يصل إلى 45 مليون مع الحوافز، ليصبح أعلى لاعبي النادي أجرًا حتى عام 2031.
لكن تأثير يامال لم يقتصر على المستطيل الأخضر. فقد أصبح رمزًا ثقافيًا لجيل الشباب، إذ يتابعه أكثر من 34 مليون شخص على تيك توك، كما شهدت صفحته على إنستغرام نموًا هائلًا خلال يورو 2024، من 7 إلى 18 مليون متابع في شهور قليلة فقط، بفضل تفاعلاته العفوية واحتفالاته التي اجتاحت الإنترنت.
هذا التأثير الرقمي لم يكن فقط بسبب جاذبيته الطبيعية، بل أصبح قوة تسويقية ضخمة. أدركت شركة أديداس الفرصة سريعًا وأطلقت له خط أحذية وملابس رياضية باسمه وشعاره، وهي خطوة عادة ما تُخصص لأساطير معتزلين. حتى ميسي نفسه امتدحه وتنبأ بمستقبل أعظم له.
وراء هذا الصعود السريع، قصة كفاح وصمود. وُلد يامال لأم من غينيا الاستوائية وأب مغربي، ونشأ في أحد أفقر أحياء كتالونيا. وبعد انفصال والديه، عاش مع والدته وتحمل معاناة يومية للوصول إلى التدريبات، حتى تدخل برشلونة لمساعدته. هذه الظروف الصعبة صقلت طموحه الجارف وارتباطه العاطفي بمجتمعه، وهو ما يظهر في احتفالاته المتكررة برمز الرمز البريدي 304.
ثقة يامال بنفسه لا تهتز، وقد قال ذات مرة: "طالما أنني أفوز، فلا يحق لأحد أن يتحدث." ومع ذلك، فهو شاب متواضع يعتز بفرحة عائلته والتضحيات التي أوصلته إلى هذه القمة. ومن المصادفة الرمزية أن صورة قديمة من عام 2007 أعيد تداولها مؤخرًا تُظهر يامال رضيعًا في أحضان ميسي خلال حملة تصوير لصالح اليونيسف – وكأنها لقطة من القدر.
رغم أن النادي كان يأمل أن يرث القميص رقم 10 الأسطوري، اختار يامال أن يصنع مجده الخاص بقميص رقم 19. إنه جسر بين الأجيال، يحمل من سحر ميسي، واستعراض نيمار، وجاذبية رونالدو التسويقية، لكنه يبقى فريدًا بذاته. لامين يامال ليس مجرد نجم صاعد، بل هو صوت ورؤية حقبة جديدة في كرة القدم. أصالته داخل الملعب وخارجه تُلهِم ملايين الشباب حول العالم، وتؤكد أن العظمة لم تعد تنتظر العمر.
ADD A COMMENT :