من المرتقب أن تتصادم كاتي تايلور وأماندا سيرانو مرة أخرى في نزال ثلاثي طال انتظاره، ويُعد واحدًا من أكثر الأحداث شهرة في تاريخ الملاكمة النسائية. وقد أُطلق عليه لقب النسخة النسائية من "محمد علي ضد جو فريزر"، لأنه يتجاوز الرياضة ليصبح إنجازًا ثقافيًا وتجاريًا. سيُقام الحدث في ماديسون سكوير غاردن الأسطوري ويُبث مباشرة عبر منصة نتفليكس، ويتميز ببطاقة قتالية نسائية بالكامل، ما يعكس النمو السريع في الاهتمام العالمي بالملاكمة النسائية.
كانت لقاءاتهما السابقة مذهلة ومليئة بالإثارة. في عام 2022، تفوقت تايلور على سيرانو بقرار انقسام ضيق. وفي نزال الإياب عام 2024، فازت تايلور مجددًا، رغم تعرضها للكثير من الضربات القاسية. وعلى الرغم من أن سيرانو غالبًا ما تكون الطرف الأضعف نظريًا، إلا أنها قدّمت أداءً شرسًا باستمرار، واكتسبت سمعة بفضل أسلوبها القتالي العنيف والمثابر. هذه المرة، تصعد في الوزن بفئتين، متخلية عن ميزة السرعة المعتادة لتواجه تايلور في وزن يقارب 63 كغم.
لم تكن رحلة سيرانو سهلة. فرغم أنها بطلة عالمية في عدة أوزان، اضطرت للعمل في وظائف جانبية لتأمين دخلها، حتى تدخل جيك بول. هذا اليوتيوبر السابق الذي تحول إلى مروّج للملاكمة، رأى الإمكانات غير المستغلة في الملاكمة النسائية، ووقّع عقدًا مع سيرانو ضمن شركته "MVP بروموشن". وعدها بجعلها مليونيرة خلال عام، وحقق ذلك خلال نصف المدة. وتشير التقارير إلى أن أول نزال لها مع تايلور جلب لها مليون دولار، بينما يُتوقع أن تدرّ هذه المواجهة الثلاثية مبلغ 6 ملايين دولار.
أما قصة كاتي تايلور فهي أسطورية. فقد نشأت في إيرلندا واضطرت للتظاهر بأنها صبي يُدعى "كاي تايلور" كي تشارك في بطولات الناشئين، لأن الملاكمة النسائية لم تكن معترفًا بها رسميًا. كما لعبت كرة القدم للمنتخب الوطني الإيرلندي قبل أن تختار الملاكمة كمهنة بدوام كامل. تايلور مسيحية ملتزمة، تردد المزمور 18 مع والدتها قبل كل نزال، وهي عادة ترمز إلى إيمانها وعزيمتها.
إنجازات تايلور لا مثيل لها. فقد فازت بالميدالية الذهبية الأولمبية في 2012، وتحولت إلى الاحتراف بعد ذلك مباشرة، وتمكنت من توحيد جميع ألقاب الوزن الخفيف الكبرى – WBC، WBA، IBF، وWBO. تُعرف بدقتها، ورباطة جأشها، وقلبها الكبير، وتُعد واحدة من أكثر الملاكمات مهارة في جيلها، برصيد 24 فوزًا وخسارة واحدة فقط.
خارج الحلبة، تعيش تايلور حياة متواضعة. تتدرب بشكل خاص في ولاية كونيتيكت، وتتجنب الأضواء الإعلامية، ورفضت رعاية تجارية تتعارض مع قِيَمها. إنها ليست فقط أيقونة رياضية في إيرلندا، بل رائدة ألهمت جيلًا كاملًا من الفتيات لخوض غمار الملاكمة.
ومع اقتراب موعد النزال الثالث، تصبح الرهانات أكبر من أي وقت مضى. سواء تمكنت تايلور من تحقيق فوزها الثالث على سيرانو، أو نجحت سيرانو أخيرًا في انتزاع لقب البطلة غير المنازعة، فإن الانتصار الحقيقي سيكون من نصيب الملاكمة النسائية. للمرة الأولى، تشاهد ملايين الفتيات حول العالم أن الحلبة ملك لهن تمامًا كما هي للرجال. أما جيك بول، الذي راهن على رياضة كانت مهملة، فقد حقق انتصارًا ثقافيًا وتجاريًا—فقط لا تتوقعوا أن يصف نفسه بـ"نسوي".
ADD A COMMENT :